مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
​ملحق رقم 10 خطاب الزعيم في الحفلة الاجتماعية في الحدث(1) [3
 
 
 
 

وُجِّهت إليّ دعوة لأتكلم. إنني أصغيت وتبصرت، فوجـدت أنّ الذي قـاله الأمين عبدالله قبرصي فيه حقيقة، وفيه سحر الـخطيب الفصيح، وسحره هو، الذي يبدّد الوهم أنّ خطباء الـحركة القومية الاجتماعية ومتكلّميها يعجزون عن التعليم، وقد برهنوا لكم أنهم قادرون على التعليم، وفي يقيني أنهم حيثما انطلقوا، وفي أي مجتمع وُجدوا، وُجدوا معلمين تعاليم الـحياة القومية الاجتماعية الـجديدة لأنها كيانهم كله، إنهم فيض يتدفق في هذا الوجود وسيستمر متدفقاً إلى أن يغمر الأرجاء بإشعاعه، فتضمحل الظلمات وتهرب الأباطيل والأضاليل، وتغوص في باطن الأرض، ولا تعود إلى الظهور ثانية أبداً.


تكلّم الأمين قبرصي عن انقلاب، وفصّل تفصيلاً جيداً الناحية التي ينظر منها القومي الاجتماعي إلى الأحداث التي تغيّر شيئاً في أشكال الـمجتمع، إما بغية تغيير شيء في أساسه، وإما تضليلاً وخدعاً للناس بالأشكال من غير أن يكون هناك أي تغيير في الأساس.


كلُّ الناس يصيحون اليوم متململين من الـحالة الراهنة القائمة في كل بقعة من بقاع الوطن، والناس أصبحوا يتوقون إلى تغيير الـحالة بأي شكل من الأشكال. إنهم يتوقعون أن يأتيهم الفرج من أية ناحية كانت، فأيّ من نهض ونادى، وأيّ من تقدم وقلب أشخاصاً أو شكلاً من الأشكال، ارتقب الناس بسرور أن يكون من وراء ما حدث فرج للكرب الذي يحيق بنفوسهم. 

لـماذا يـرتقب الناس هذا الارتقـاب؟ يرتقبون بالفوضى التي يعيشون فيها، يرتقبون الفرج من الكرب نفسه لأنهم بطبيعة الاتكال الذي تعوّدوه أجيالاً، وبطبيعة الـخمول الذي ركنوا إليه، وبطبيعة العجز الذي أصبح ملازماً لتفكيرهم، أصبحوا ينتظرون فرجاً من سواهم، من أية ناحية كانت، ليس من أنفسهم ومن صميمهم. هم ينتظرون الفرج من بريطانية، ينتظرون الفرج من فرنسة، من روسية، من أميركانية، من القوات الـمسلحة، ينتظرونه من القوات غير الـمسلحة، وينتظرون الفرج من أية مغامرة من الـمغامرات كانت. والفرج لا يأتي الناس إلا من هدي يأتـمرون به، من قضية حقة يعتقدونها ويوطدون النفس على تـحقيقها، من إيـمان بحقيقة وجودهم، وبسموّ حقيقة وجودهم، وبسموّ غاية وجودهم العظمى، فإذا لم يكن لهم إيـمان مثل هذا الإيـمان، ويقين كهذا اليقين، فأي فرج ينتظرون؟ وما هي النتيجة التي يرتقبون أن تـحدث؛ إنّ مصير هذا الشعب يتوقف على وعي الشعـب وإرادتـه. إنه يتوقـف على وعي منبثق منه لقضية تكون أساس حياته، وغاية حياته. فإذا حدثت حركـة من الـحركات أو انقلاب من الانقلابـات، لم تكن هنالك مبادىء يستنـد إليهـا الانقـلاب، ولم تكن هنالك خطة يسير عليهـا الانقلاب بوضوح، ولم يكن هنـاك ما يـدل على فهـم لـقضـايـا الشعـب،وغـايـة الشعـب العظمـى، فـالنتيجـة العظيمـة التي يرتقبهـا الشعب لن تـحـدث.


إنّ النهوض لا يـمكن أن يكون بالتدجيل. وإنّ تغيير مجرى التاريخ لا يكون بأن تستلم قوى مسلحة إدارة البلاد أو بألا تستلم. الناس يرتقبون الفرج، فما هو هذا الفرج الذي أُعلن لهم. إذا سأل أي واحد نفسه إلى أين يسير بنا هذا الانقلاب فأي جواب يـمكن أن يسمع. من منا يعرف في أية وجهة يريد أن يسيّرنا هذا الانقلاب؛ لا أحد. لا يوجد واحد يعرف إلى أين الـمصير. هو في ضمير الذين قبضوا على الـحكم. ولـماذا؟ لأنه لم يسبق للشعب أن سمع من هؤلاء الذين أحدثوا الانقلاب أية فكرة أو عقيدة أو رأي واضح يدل على الاتـجاه الذي يتّجهونه في حياتهم، ولا عن الـمقاصد التي يقصدونها. فنحن الآن في إبهام، وفي غموض. وتغيير التاريخ لا يكون بالإبهام والغموض. إنه حدث من أحداث كثيرة تعوّدت هذه البلاد أن تراها. إنه حدث من الأحداث التي كانت دائماً تُفرض على الشعب وكان الشعب دائماً يتلقاها مسروراً لأنه تعوّد أن يستسلم لكل أمر مفعول.


إنّ الدرس الأول الذي يجب أن نتعلمه من هذا الـحدث الأخير هو: ألاّ نثق إلا بـما هو واضح وجلي في القصد والغاية، وإلا بـما هو أساسي صالح لإنشاء بناءٍ جديد لهذا الشعب. الدرس الأول هو ألا نثق بالـمغامرات. وألا نستسلم لأي أمر مفعول، وألا نرضى إلا بـما أردناه بوعي وعزيـمة صادقة. كل ما سوى ذلك هو لهو للشعب ولهو يكلف الشعب كثيراً.


نحن نريد غاية واضحة، وقصداً واضحاً، وحياة جديدة تقوم على مبادىء جديدة. نحن نرفض أن تكون حياة هذا الشعب وسيلة يتعلمها الـمغامرون في السياسة والـحرب. نحن نـمثّل رفضاً دائماً للأمور الـمفعولة من غير إرادة الشعب. نحن نـمثّل رفضاً دائماً للأمر الـمفعول الذي لا ينبثق عن إرادة الشعب الـحرة.


هذا هو الدرس الأول الذي نأخذه من هذا الـحدث الأخير. والدرس الثاني الذي نأخذه من هذا الـحدث هو: درس مصير الطغيان. إنّ الذين يظنون أنهم يقدرون على استعباد الشعب دائماً وأبداً، وأنهم يقدرون على تكبيل الشعب تكبيلاً بالضغط وبالقوى الـمسلحة، ويـمنعون الناس من حرية الاجتماع، ومن حرية إبداء الرأي، ومن حرية التطور، إنّ الذين يظنون أنهم بالطغيان يذلّون شعباً بكامله، ويسيّرونه لأغراضهم الـخصوصيـة، يَسقطون بالسلاح الذي أعدّوه للشعب عينه. إنّ الذين نصّبوا أنفسهم طغـاة علـى الشعـب،واتخـذوا لأنفسهـم مـماليـك يسلّطـونهم على رقاب الشعب، يستيقظون ذات ليلة، وذات صباح، وخناجر الـمماليك في قلوبهم. هذا هو الدرس الثاني الذي يلقيه علينا هذا الـحدث. هو درس ليس بالنظريات، بل بالأفعال.


إنّ الكيانات السياسية هي وقفٌ على الشعب، وليس الشعب وقفاً على أي كيان سياسي. إنّ الاستقلال ليس غاية في الوجود. إنّ الاستقلال واسطة لغاية في الوجود. إنّ الاستقلال الذي يعني عبودية الشعب هو استقلال للعبودية. وكل استقلال للعبودية يُسحق باستقلال الـحرية.


نحن نقوم على أساس مبدأ واضح هو حرية إرادة الشعب لأنّ الاستقلال، والبلاد، وكل ما هو في النطاق الذي نحيا فيه هو وقف على إرادة الشعب، وليس الشعب وقفاً على شيء منه. وإنّ درس الـحكومات من هذا الـحدث يجب أن يكون: أن تعرف الـحكومات أنّ الـحرية هي للشعب، وأنّ العز هو للشعب، وأنّ الشعب هو صاحب السيادة في وطنه.


يـمكن كبت الـجماهير، ويـمكن تعطيل اجتماعات تعقد هنا وهناك، ويـمكن منع صحف من الظهور، ويـمكن مصادرة كتب ونشرات وجرائد، ولكن الشعب الـحي الـمستفيق يتغلب على كل هذه الأمور الصبيانية التي لا يستند إليها إلا كل جاهل أو دجال أو مـمخرق. وما كان تعطيل صحيفة في العالم ولا مصادرة كتاب ولا تـمزيق نشرات من أن يـمنع شعباً حراً من أن يصل إلى غاياته العظمى.
نحن القوميين الاجتماعيين أعظم شاهد حي على هذا الـمبدأ. كم مرة اعتقلنا؟ كم مرة زججنا في السجون وفي الـمعتقلات بين سجن الرمل وبعبدا وبتدين والـميه وميه وأنحاء أخرى؟ كم من كتاب صادروا لنا؟ ومن صحيفة وكرّاس صادروه؟ وأخيراً ما هي النتيجة التي حصلت؟ إنّ الدولة الأوروبية الكبيرة التي كانت وراء كل هذه الـملاحقات، والتي تـجاهلت أو جهلت اختباراتها هي في الـحرية في بلادنا، هي بكل قواتها وأساطيلها ومدرعاتها، بدباباتها، وبسنغالييها، لم تكن قادرة أن تـمنعنا من أن ننمو وننشط، ونصبح هذا الـجيش الفاتـح سلماً اليوم، والفاتـح حرباً غداً.


إنَّ أحكم حكومة في شعب هي الـحكومة التي تقدر أن تـحب الشعب، وأن تتعهد الشعب لينمو بحرّية، لأنها هي أيضاً ليست في الأخير إلا جزءاً ضئيلاً من هذا الشعب، وهي في الأخير ستأتيها الساعة التي ستشعر فيها أنها بلا شعب حر قوي، ضائعة أكثر من أي شيء ضائع في العالم. والـحكومة التي تـجهل أنها من الشعب وأنّ مصيرها مرتبط بالشعب ومصيره، حكومة لا تـجهل فقط ما هو الشعب، بل تـجهل ما هي هي، وما هو مصيرها.


إنّ الطغيـان يلد طغياناً، وإنّ الطغاة الذين يجلبون على الأمة طغياناً جديداً قد يكون أشد من طغيانهم هم، يقيمون جحيماً للشعب وهلاكاً لأنفسهم.


هذه هي الدروس الأولى التي يـمكن أن نأخذها من هذا الـحدث الأخير. وفيما سوى ذلك نريد أن نكون متحفظين. لنصبر ولنرتقب نحن أيضاً. نحن أقدر الناس على الانتظار والارتقاب لأننا نصبر ونرتقب صفوفاً منظمة وعقيدة واضحة ونقصد هدفاً جلياً نسير إليه. الأحداث كلها هي نسبية جداً في ما له علاقة بنا لأنه ليس شيئاً مـما نقصده نحن يستند إلى ما يحدث خارج صفوفنا. نحن لا ننتظر شيئاً لـمصلحة هذه الأمة إلا من الذين قاموا بنهضة الأمة، فإذا كان ما حدث يؤاتي مصلحة الأمة فأهلاً وسهلاً به. إنه لا يضيرنا شيئاً. وإذا كان مخالفاً لـمصلحة الأمة فنحن لسنا واقفين. نحن سائرون. مواكبنا تسير، وتنظيمنا يشتد، ونحن آخذون في أن نصير هذا الشيء الذي قلته عام 1937 في الكورة. قلت إننا بأعضائنا الـممزقي الثياب، الـخارجين من صفوف الفلاحين والعمال، وعامة الشعب الذي يريد حياة جديدة، نحن سنظل في عُرْفِ العالم الذي يجهلنا أو يتجاهلنا أو يريد أن يتجاهلنا، عصابات أشقياء إلى أن يعترف بأننا جيوش منظمة لأمة عظيمة مجيدة.
نحـن الآن في طـور الانتقـال من عصابـات الأشقـياء إلى جيش الـخلاص الذي يقود الأمة إلى الـمجد.

 

 

(1) كما دوّنها إبراهيم يموت.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro